مهرجان الهيئة العربية للمسرح يحط الرحال في دورته الـ15 بالعاصمة العمانية مسقط
فاطمة البكاري من مسقط للملاحظ
في أجواء موسومة بأقوى عبارات الإبتهاج والترحيب بضيوف مهرجان الهيئة العربية للمسرح بالعاصمة العمانية مسقط، انطلقت مساء الخميس التاسع من يناير 2025 فعاليات الدورة الخامسة عشرة للمهرجان، المنظم من طرف الهيئة العربية للمسرح ،بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب والجمعية العمانية للمسرح بالسلطنة. وذلك بحضور أكثر من 500 فنان مسرحي عربي من كافة أنحاء المعمور.بحيث افتتحت الدورة برعاية من *صاحب السمو وزير الثقافة والرياضة والشباب* *ذي يزين بن هيثم.* قبل أن يلقي *وكيل وزارة الثقافة العماني السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي ، رئيس اللجنة الإشرافية للمهرجان* كلمة ترحيبة شاملة وجامعة أكد من خلالها على الدور الطلائعي للهيئة العربية للمسرح على مدار الخمسة عشرة عاما من التواجد الثقافي والإبداعي والفني المتميز للهيئة ، وتنقله عبر مختلف خشبات مسارح الدول العربية من المحيط إلى الخليج، ليحط الرحال في نسخته الحالية بالعاصمة العمانية مسقط من أجل مواصلة مد جسور التواصل بين الفنانين والمسرحيين العرب. وأضاف المسؤول العماني ذاته أن دعم الهيئة لفعاليات المهرحان لأكثر من عقد ونيف قائمة ودالة إيمانا منها بالمكانة الرائدة للفن بشكل عام في المنظومة الثقافية الخلاقة ، بوصفه فاعلا ومحركا للإبداع وآلية من آليات التعبير الإنساني الراقي. وزاد البوسعيدي قائلا : “إن مثل هذه الفعاليات النوعية تؤكد السعي الملموس لتحقيق أهداف الإستراتيجية الثقافية لوزارة الثقافة والرياضة والشباب،والتي تؤكد رؤيتها على جعل السلطنة وجهة ثقافية رائدة بهوية راسخة، ما يجعلنا نولي اهتماما كبيرا لاستضافة كل ما من شأنه المساهمة في تقوية أواصر التعاون البناء، ويعزز مقومات التبادل الثقافي والفني بين الدول خصوصا في محيطنا العربي ” .
وتواصلت كلمات القائمين على فعاليات دورة المهرجان في تقاطع عناوينها الكبرى بشأن الدور الرائد الذي تطلع به الهيئة العربية للمسرح منذ التأسيس الى النسخة الحالية، ومساهمتها الفعالة في ترسيخ القواسم المشترك بين المسرحيين العرب ، وتقوية جسور التواصل الثقافي والفني والإبداعي على أكثر من صعيد بين المبدعيين والمخرجين والمسرحيين والنقاد العرب. والعمل على خلق نوع من التلاقح الإبداعي والفكري والأدبي بين تجارب خشبات مسرح مختلف الدول العربية، وذلك من خلال تبادل الخبرات والمزايا والأفكار. وهو المنحى الذي أكد عليه الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبد الله حين قال : ” انطلق المهرجان عام 2009، وتنقل بين الحواضر العربية المختلفة من القاهرة الى تونس وبيروت وعمان والدوحة والشارقة والرباط والكويت ووهران ومستنغانم والدار البيضاء وبغداد وغيرها ، وهاهو يصل بكم ومعكم هنا في مسقط. محملا بكل ما منحته تلك الحواضر من صور الإبداع ،والثقة بأن لدينا داخل وطننا الكبير كنوزا ما تزال قيد الإكتشاف وإعادة الإنتاج ” . بمعنى يضيف إسماعيل عبد الله : ” كنوز تعطينا حصانة التاربخ وجدارة واستحقاقية الوجود، وأنتم يا خلاصة العصر من المسرحيبن المبدعين ، أهل لتكونوا سدنة هذا الميراث العظيم ” .
وزاد أمين عام الهيئة قائلا في السياق نفسه :” إن الهيئة تفخر باستضاقة المسرحيين المؤثرين والفاعلين العرب.كما أنها تفخر بتكريم خمس جهات عمانية ، كونها لها دور مؤثر في مرحلة التأسيس والنشأة والتطور المسرحي في عمان .كما يشرف الهيئة تكريم الباحثين الفائزين في المسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي ، بالإضافة الى احتفائها بتوقيع ما يزيد عن ثلاثين كتابا من إصداراتها.
الى ذلك وبعد حفل التعريف بأعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 15 للمهرجان. كانت كلمة الفنان الفلسطيني فتحي عبد الرحمان، والتي اكد من خلالها في رسالة اليوم العربي للمسرح الذي يصادف العاشر من شهر يناير من كل عام ، على دور الجمهور باعتباره أحد الأرقام المهمة والصعبة في معادلة العمل المسرحي ،ومن دونه لايستقيم الوضع الطبيعي لأبي الفنون.ما يستوجب الأخذ في الإعتبار بتوجهاته والإشتغال بجدية ومسؤولية على القضايا اليومية بالقدر الذي يخدم مصالحه وحاجياته. إذ ” ليس ثمة من سبيل أمام المسرح للإستمرار في أداء رسالته ، التي هي رسالتنا كمسرحيين أوفياء ،يضيف فتحي عبد الرحمن الذي ترعرع في مخيمات اللجوء ،دون الإحتفاظ بالجمهور ،من خلال الإلتزام بقيم التعبير الصادق عن أحواله الحياتية ومكابده وأشواقه، والحرص على الإرتقاء بوعيه الجمالي والعناية بمشاعره وقيمه الإنسانية الخلاقة. وذلك عبر تكريس مبدأ مسرح القرب .بمعنى الذهاب المتواصل بلا أدنى انقطاع الى الناس وتنظيم جولات ميدانية للعروض المسرحية” يقول فتحي:” وارتباطا بالموضوع عينه واصل الفنان الفلسطيني في كلمته بمناسبة اليوم العربي للمسرح، في سرد تفاصيل نشأته في مخيم اللاجئين والتذكير بأولى محطات تعرفه على فن المسرح وهو في سن مبكرة وتعلقه الكبير بأبي الفنون في تلك المرحلة وما تلاها ، قبل أن يصبح عاشقا بصيغة الجنون لهذا الفن الراقي. كما لم يفت رجل مخيمات اللجوء الفلسطينية الحديث عن حجم المضايقات وكذا المعاناة الرهيبة التي عاشها لسنوات خلت تحت ضغط الإحتلال الإسرائلي. قبل أن يقرر الهجرة الى الخارج وهو حامل لهموم قضية وطنه ، يحاول التعايش مع واقع مرير وصعب للغاية . فكانت خشبة المسرح إحدى القنوات الفنية الراقية وما تزال للتعبير والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطين الابي في تحقيق حلم دولته المستقلة على كافة حدودها الترابية المغتصبة من طرف الصهاينة.ويبقى المسرح العربي المتنفس الوحيد لخوض معارك التحرير الإبداعي والثقافي والإنساني من كافة أشكال قيود الإستعمار مهما كانت وضعيته.
كما أن مهرجان الهيئة العربية للمسرح وبتوجيه من رئيسها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ، تعد دوارته البوابة الرئيسية لإعادة تشكيل الوعي العربي بقضاياه الأساسية بكل روافدها وتحدياتها. ومنصة لتعزيز كافة أواصر التلاقي والتلاقح بين المسرحيين العرب. ومحطة لإعلاء شأن الفعل الثقافي والفكري العربي بكل فروعه الأدبية والفنية والمسرحية.