إسرائيل تعترض سفينة “مادلين” المحملة بالمساعدات إلى غزة وتحتجز نشطاء بينهم غريتا تونبرغ

إسرائيل تعترض سفينة “مادلين” المحملة بالمساعدات إلى غزة وتحتجز نشطاء بينهم غريتا تونبرغ
 رحاب أبياض

أعلنت السلطات الإسرائيلية فجر الإثنين 9 يونيو 2025، أن قواتها البحرية سيطرت على السفينة “مادلين”، وهي يخت كان يحاول الوصول إلى سواحل غزة بهدف كسر الحصار البحري المفروض منذ عام 2007. السفينة كانت تحمل على متنها 12 ناشطًا دوليًا، بينهم الناشطة السويدية البارزة في مجال المناخ غريتا تونبرغ، والبرلمانية الفرنسية من أصول فلسطينية ريما حسن، إلى جانب نشطاء من فرنسا وألمانيا وإسبانيا وتركيا والبرازيل وهولندا.

أبحرت السفينة”مادلين” من إيطاليا في الأول من يونيو ضمن مبادرة “أسطول الحرية”، وتوقفت في مصر قبل أن تتوجه مباشرة نحو سواحل القطاع رغم تحذيرات الجيش الإسرائيلي. كانت تحمل شحنة من المساعدات تشمل كميات بسيطة من الأرز وحليب الأطفال، وفق ما أكده المنظمون، في محاولة للفت أنظار المجتمع الدولي إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة بعد أكثر من عام ونصف على اندلاع الحرب في المنطقة.

صرحت وزارة الخارجية في بيان لها أن “اليخت تحت سيطرة إسرائيلية ويتم نقله بأمان إلى ميناء أشدود”، مضيفة أن جميع الركاب سالمون وتم توفير الطعام والماء لهم. ووصفت العملية بأنها “استعراض دعائي لمجموعة من المشاهير”، مضيفة أن “الكمية الصغيرة من المساعدات التي لم يستهلكها النشطاء ستُنقل إلى غزة عبر القنوات الإنسانية الشرعية”.

من جانبه، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس مهمة السفينة بأنها “مسرحية إعلامية” تهدف إلى دعم “الدعاية الحمساوية”، على حد تعبيره، مضيفًا أنه أعطى أوامره للجيش بمنع السفينة من الوصول إلى القطاع. وأكد أن الحصار البحري المفروض على غزة يهدف إلى منع وصول الأسلحة إلى “المنظمة الإرهابية حماس”، بحسب وصفه. كما أمر كاتس بعرض “مقاطع فيديو مروعة من هجوم 7 أكتوبر 2023” على ركاب السفينة لدى وصولهم إلى ميناء أشدود “حتى يدركوا من هي حماس التي يدافعون عنها”، حسب قوله.

 أعلن تحالف “أسطول الحرية”، الجهة المنظمة للرحلة عبر منصة تيليغرام أن الاتصال انقطع مع السفينة “مادلين” في وقت مبكر من صباح الإثنين، مشيرًا إلى أن قوات إسرائيلية صعدت إلى متنها واختطفت طاقمها، وفق تعبيرهم. وأكد التحالف أن الاعتراض وقع في المياه الدولية، مما يشكل في نظره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. وقد أظهرت صور نشرها التحالف أفراد الطاقم وهم يرتدون سترات النجاة، رافعين أيديهم في الهواء.

كما عبرت هويدا عراف، المتحدثة باسم التحالف، عن استنكارها للعملية، قائلة إن “إسرائيل لا تملك الصلاحية القانونية لاحتجاز المتطوعين الدوليين في المياه الدولية”. من جانبها، كانت غريتا تونبرغ قد سجلت مقطع فيديو مسبقاً قالت فيه: “إذا شاهدتم هذا الفيديو، فهذا يعني أننا تم اعتراضنا واختطافنا”.

أثارت الحادثة موجة من الإدانات الدولية، حيث نددت منظمة “مراسلون بلا حدود” باقتحام السفينة واعتقال صحفيين كانا على متنها، هما عمر فياض ويانيس محمدي، معتبرة ذلك “انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي وحرية الصحافة”. كما استدعت وزارة الخارجية الإسبانية القائم بالأعمال الإسرائيلي في مدريد للاحتجاج، في حين دعت فرنسا إلى تسهيل عودة مواطنيها الستة الذين كانوا ضمن الطاقم.

أما تركيا، فوصفت اعتراض السفينة بأنه “هجوم شائن”، في حين اتهمت إيران إسرائيل بممارسة “قرصنة بحرية”. كما أعربت فرانشيسكا ألبانيزي، مقررة الأمم المتحدة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عن دعمها للمبادرة، ودعت موانئ المتوسط إلى إرسال المزيد من السفن لكسر الحصار على غزة.

في بيان لمجموعة النشطاء المشاركين في الرحلة، بمن فيهم غريتا تونبرغ، أكدو أن عملية الاعتراض لن تثنيهم عن مواصلة جهودهم لكسر الحصار، مؤكدين أنهم “سيعودون إلى البحر مجددًا”. وقال التحالف في منشور على إكس: “ربما تكون رحلة مادلين قد انتهت، لكن مهمتنا لم تنته. سنواصل الإبحار حتى رفع الحصار عن غزة”.

وقد شهد محيط ميناء أشدود مظاهرات تضامنية رفع خلالها المتظاهرون الأعلام الفلسطينية ولافتات كتب عليها “حرروا غزة”، “قاوموا الإبادة”، و”لا تلزموا الصمت”، تعبيرًا عن رفضهم لاعتراض السفينة ومنع وصول المساعدات إلى القطاع.

الحادث يعيد إلى الأذهان أحداث عام 2010، حين اقتحمت القوات الإسرائيلية “أسطول الحرية” الذي انطلق من تركيا، وأسفر الهجوم عن مقتل عشرة نشطاء كانوا يحاولون أيضًا كسر الحصار المفروض على غزة. ومنذ ذلك الحين، تتكرر محاولات النشطاء الدوليين لكسر الحصار وإيصال المساعدات، وسط تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لفتح ممرات إنسانية آمنة إلى القطاع.

تعاني غزة الآن من أزمة إنسانية خانقة، تشمل نقصًا حادًا في المواد الغذائية والدواء، فضلاً عن تدهور البنية التحتية بسبب الحرب المتواصلة والحصار البحري والبري والجوي المفروض عليها.

في ظل هذه التطورات، لا يزال الغموض يحيط بموعد ترحيل النشطاء إلى بلدانهم، وسط استمرار الدعوات الدولية لفتح تحقيقات بشأن قانونية اعتراض السفينة وظروف احتجاز طاقمها.