العطلة القضائية تُعيد ترتيب العمل بالمحاكم المغربية: ملفات مؤجلة واستمرارية مرفق العدالة محفوظة

الملاحظ -نورة حكيم (صحفية متدربة)         

تعيش المحاكم المغربية، خلال شهر غشت من كل سنة، على وقع تدابير خاصة تواكب العطلة القضائية السنوية التي يستفيد منها القضاة وكتاب الضبط وموظفو مختلف المهن القضائية، ما يؤدي إلى إعادة تكييف سير العمل داخل المرفق القضائي دون أن يشمل ذلك التوقف التام.

وتنص الإجراءات المعمول بها خلال هذه الفترة على إرجاء البت في الملفات المدنية والتجارية التي لا تستوفي شرط الاستعجال إلى غاية شهر شتنبر أو الأشهر التي تليه، في مقابل التركيز حصريا على القضايا ذات الطابع الاستعجالي، خصوصا تلك المرتبطة بحرية الأفراد المتابعين في حالة اعتقال.

في تصرح له ، أكد محمد رضوان، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، أن العطلة القضائية لا تعني بأي حال من الأحوال “توقف الحياة” داخل المحاكم، بل تُمثل فرصة لتكييف العمل مع خصوصية فصل الصيف، مع ضمان الاستمرارية في معالجة الملفات التي تكتسي طابعا استعجاليا، خاصة تلك المتعلقة بالحرية الفردية للمعتقلين.

وأشار رضوان إلى أن المحكمة باعتبارها مرفقا عموميا، تبقى مطالبة بضمان استمراريتها في تقديم الخدمة القضائية، موضحا أن هذه العطلة تقتصر على القضايا المدنية والتجارية غير المستعجلة، بينما يستمر العمل على باقي القضايا وفق مبدأ الأولوية.

من جانبه، نبّه محمد ألمو، محام بهيئة الرباط، إلى وجود “فهم غير دقيق” لدى فئات واسعة من المواطنين، خاصة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ممن يعوّلون على فترة وجودهم بالمغرب لتسوية ملفاتهم القضائية، ظنا منهم أن العطلة القضائية تعني توقفا كاملا للعمل بالمحاكم.

وأوضح ألمو، في تصريح له ، أن المحاكم تواصل أنشطتها الإدارية خلال شهر غشت، بما يشمل إجراءات سحب الأحكام، إيداع الملفات وتسجيل الدعاوى، إلى جانب النظر في القضايا الاستعجالية المرتبطة بالمعتقلين، لافتا إلى أن التأجيل يهم فقط الملفات التي يصعب الحسم فيها خلال جلسة واحدة، ما يستدعي تأجيلها إلى ما بعد العودة من العطلة الصيفية.

وتماشيا مع هذه الوضعية، يتم بشكل مسبق تنسيق العمل القضائي بين رؤساء المحاكم ونقابات المحامين، عبر اتفاق ضمني يُنصّ فيه على عدم التقدّم بملفات جديدة خلال هذه الفترة، إلا إذا كانت ذات طبيعة استعجالية، وهو ما يُمكّن من تدبير العطلة القضائية دون المساس بحقوق المتقاضين أو سير المرفق القضائي.

ورغم أن هذه التدابير تُعدّ جزءا من تقاليد المرفق القضائي المغربي، إلا أن بعض الفئات المجتمعية، وعلى رأسها الجالية المغربية بالخارج، لا تخفي انزعاجها السنوي من هذا التوقيت الذي لا يراعي أحيانا طبيعة وحجم ارتباطها بالقضاء المغربي خلال فترة تواجدها الصيفي في المملكة، خاصة في ما يتعلق بالملفات المدنية والتجارية التي تكون قيد النظر.

يبقى شهر غشت فترة خاصة في روزنامة القضاء المغربي، تجمع بين مبدأ الاستمرارية ومتطلبات التكييف مع العطلة الصيفية، حيث تتواصل أنشطة المحاكم في حدود الأولويات القانونية، وتُؤجل القضايا التي تحتمل ذلك، في انتظار عودة الدينامية المعتادة مع مطلع شتنبر، في إطار توازن دقيق بين حق القضاة في الراحة وضمان ولوج المواطن لخدمات العدالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

24 ساعة

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist