المختلون عقليًا في شوارع المغرب: ظاهرة تُنذر بالخطر وتحتاج إلى حل ومعالجة فورية

المختلون عقليًا في شوارع المغرب: ظاهرة تُنذر بالخطر وتحتاج إلى حل ومعالجة فورية

الملاحظ من الرباط         

تشهد الشوارع المغربية تزايدًا ملحوظًا في أعداد المختلين عقليًا الذين يتجولون بلا مأوى أو رعاية طبية، ما يطرح إشكالية اجتماعية وأمنية معقدة تحتاج إلى تدخل عاجل وحلول فعّالة.

في مدن كبرى مثل الدار البيضاء، الرباط، طنجة، ومراكش، أصبح مشهد المختلين وهم ينامون في العراء أو يتجولون بين السيارات أمرًا معتادًا، وسط تزايد المخاوف من المخاطر المرتبطة بهذه الظاهرة.

مشاهد يومية تثير القلق

في شوارع المدن المغربية، يصادف المواطنون يوميًا مختلين عقليًا في حالة يرثى لها، يبيتون على الأرصفة، يبحثون عن الطعام في القمامة، أو يتنقلون بين السيارات في وضع غير آمن. هذه المشاهد تثير تعاطف البعض، لكنها في الوقت نفسه تثير القلق، خاصة في ظل حالات الهيجان أو السلوك العدواني غير المتوقع، مما يهدد الأمن العام ويزيد من مخاوف المواطنين والزوار.

أسباب الأزمة: قلة الرعاية والفقر

أسباب هذه الظاهرة متعددة، وأبرزها ضعف المنظومة الصحية المخصصة للأمراض النفسية والعقلية، حيث يعاني قطاع الصحة النفسية في المغرب من نقص المراكز المتخصصة، وغياب الأطر الطبية الكافية، مما يجعل من الصعب استيعاب أعداد المرضى المتزايدة. كما أن البرامج التأهيلية تكاد تكون غائبة، والمستشفيات الموجودة غير قادرة على تقديم الرعاية اللازمة لجميع الحالات.

إلى جانب ذلك، يُعتبر الفقر عاملاً رئيسيًا يفاقم المشكلة، حيث تضطر بعض الأسر إلى التخلي عن أفرادها المرضى بسبب العجز عن تحمل تكاليف العلاج أو بسبب ضعف الوعي بكيفية التعامل مع هذه الحالات.

مخاطر متعددة تهدد المجتمع

تشكل هذه الظاهرة مخاطر صحية وأمنية كبيرة؛ إذ قد يُقدم بعض المختلين عقليًا على سلوكيات خطيرة في حالات الهيجان، مما قد يهدد سلامتهم وسلامة الآخرين.

كما أن الظروف المعيشية السيئة التي يعانون منها تزيد من احتمالية إصابتهم بالأمراض، ما يشكل عبئًا إضافيًا على النظام الصحي. إضافة إلى ذلك، تؤثر هذه الظاهرة سلبًا على صورة المدن، خاصة المدن السياحية، مما قد يُضعف جاذبيتها للسياح.

جهود متفرقة دون جدوى

رغم أن السلطات المغربية قامت بإطلاق حملات متفرقة لجمع المختلين من الشوارع وإيداعهم في مراكز الصحة النفسية والعقلية، إلا أن هذه الجهود غالبًا ما تكون مؤقتة وتفتقر للاستدامة بسبب نقص الموارد وضعف التنسيق بين الجهات المعنية.

في المقابل، تحاول بعض الجمعيات المدنية تقديم الدعم والمساعدات الإنسانية، إلا أن هذه المبادرات تظل غير كافية لحل المشكلة بشكل جذري.

الحاجة إلى استراتيجية وطنية شاملة

في ظل استمرار هذه الظاهرة، أصبح من الضروري اعتماد استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى توفير مراكز متخصصة للرعاية الصحية النفسية، وتعزيز برامج التأهيل والإدماج الاجتماعي، وتكثيف حملات التوعية لمساعدة الأسر على التعامل مع المرضى النفسيين والعقليين.

كما يتطلب الوضع تنسيقًا محكمًا بين مختلف القطاعات الحكومية والمجتمع المدني لضمان حقوق هذه الفئة وحماية المجتمع.

إلى أن تتحقق هذه الحلول، ستبقى ظاهرة تجول المختلين عقليًا في الشوارع المغربية تحديًا كبيرًا يتطلب قرارات جريئة وتدخلاً عاجلاً لضمان كرامة الإنسان وتحقيق الأمن الاجتماعي.