المغرب: تفاوت مقلق في وضعية السدود يُبرز التحديات المتزايدة للأمن المائي

 

الملاحظ- نورة حكيم (صحفية متدربة)

كشفت معطيات حديثة صادرة عن منصة “الما ديالنا”، التابعة لوزارة التجهيز والماء، عن استمرار التباين الكبير في وضعية المخزون المائي بالسدود المغربية، حيث بلغ مجموع المياه المخزنة إلى غاية بداية غشت الجاري حوالي 5920 مليون متر مكعب، أي ما يعادل نسبة ملء متوسطة على المستوى الوطني، تعكس التفاوت الملحوظ بين مختلف الأحواض المائية، وتثير القلق بشأن مستقبل الموارد المائية خلال فصل الصيف الذي يشهد ذروة الاستهلاك.

ووفق البيانات الرسمية، فإن حوض أبي رقراق يأتي في مقدمة الأحواض ذات الوضعية الإيجابية، بنسبة ملء بلغت 63.5 بالمائة، بفضل الأداء الجيد لسد سيدي محمد بن عبد الله، الذي سجل لوحده نسبة 67 بالمائة. كما سجل حوض اللوكوس نسبة ملء مرتفعة بلغت 53.6 بالمائة، مدعوماً بسدود مثل شفشاون (93%) والشريف الإدريسي (91%).

أما حوض سبو، الذي يُعد من الأحواض الاستراتيجية الكبرى بالمملكة، فقد سجل نسبة ملء متوسطة في حدود 47.8 بالمائة، إلا أنه يحتفظ بأعلى حجم للمخزون المائي على الصعيد الوطني، بنحو 2655.1 مليون متر مكعب، حيث يبرز سد علال الفاسي بنسبة امتلاء شبه كلية وصلت إلى 98 بالمائة.

وفي المقابل، يُسجل الوضع المائي الأكثر حرجاً في حوض أم الربيع، الذي لا تتجاوز نسبة الملء الإجمالية لسدوده 10.7 بالمائة، رغم سعته الكبيرة، بمخزون لا يتعدى 531.8 مليون متر مكعب. وتتضح الأزمة في نسب الملء المتدنية لسدوده الرئيسية، خاصة سد المسيرة (4%) وسد بين الويدان (15%).

ولا يختلف الوضع كثيراً في حوض سوس ماسة، الذي سجل نسبة 18.6 بالمائة فقط، في ظل شح مائي متواصل، كما سجل حوض ملوية نسبة ملء بلغت 28.6 بالمائة، وحوض درعة واد نون بنسبة 29.4 بالمئة.

ورغم تسجيل نسب إيجابية نسبياً في بعض الأحواض الأخرى، مثل كير-زيز-غريس (50.3%) وتانسيفت (43.7%)، فإن حجم المخزون المائي بهما يبقى محدوداً مقارنة بالطلب المتزايد، وهو ما يدق ناقوس الخطر بشأن القدرة على تغطية الحاجيات المائية خلال الأشهر المقبلة.

تعكس هذه المعطيات حجم الضغط الكبير الذي تعرفه الموارد المائية الوطنية، نتيجة توالي سنوات الجفاف، وتزايد الطلب على الماء في قطاعات الفلاحة والشرب والصناعة، ما يجعل المغرب في مواجهة تحديات مائية حقيقية تستوجب تدبيراً استباقياً وفعالاً.

ويُجمع الخبراء على ضرورة تكثيف الجهود في اتجاه ترشيد استهلاك المياه، وتوسيع مشاريع إعادة استعمال المياه العادمة، إضافة إلى مواصلة تنفيذ المشاريع الكبرى المتعلقة بتحلية مياه البحر وتعزيز الربط بين الأحواض، بما يضمن الأمن المائي للبلاد على المدى المتوسط والبعيد.

وتؤكد وزارة التجهيز والماء أن الوضع المائي الراهن يحتم على كافة المتدخلين توحيد الجهود وتفعيل الإجراءات العاجلة للحد من آثار الإجهاد المائي، خاصة في المناطق التي تُسجل مستويات حرجة، مع العمل على تحسيس المواطنين والفاعلين الاقتصاديين بأهمية الحفاظ على هذه الثروة الحيوية التي تشكل أساس التنمية المستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

24 ساعة

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist