المغرب وبريطانيا.. تحالف استراتيجي يتعزز بدعم الحكم الذاتي 

الملاحظ – نورة حكيم (صحفية متدربة)

تُواصل العلاقات بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة ترسيخ أسس شراكة استراتيجية متقدمة، تتسم بالتقارب في الرؤى حول قضايا الأمن الإقليمي والدولي، وتتعزز بدينامية متنامية على المستوى الاقتصادي والسياسي. في هذا السياق، يأتي الدعم البريطاني الأخير لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية كتحول نوعي يعكس إدراكا متزايدا بأهمية الدور المغربي في المنطقة.

في مقال تحليلي نشره على منصة “ذا ناشيونال”، سلّط السير ليام فوكس، الوزير البريطاني الأسبق للدفاع والتجارة الدولية، الضوء على المكانة المحورية للمغرب كشريك موثوق للمملكة المتحدة، وركيزة أساسية للأمن في منطقة الساحل. وأكد أن المغرب، بتاريخ تحالفه العريق مع بريطانيا، يشكل عنصرا فاعلا في الاستقرار الإقليمي، مشيدا بالتطورات الأخيرة التي كرّست هذا التوجه، وعلى رأسها الموقف الرسمي الذي عبر عنه وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي خلال زيارته إلى الرباط في يونيو المنصرم.

وقد اعتبر المسؤول البريطاني أن مخطط الحكم الذاتي، الذي يقترحه المغرب كحل للنزاع الإقليمي حول الصحراء، يشكل الإطار الوحيد الواقعي والقابل للتنفيذ، مشيرا إلى أنه لا يقدّم فقط مخرجا سياسيا سليما لهذا النزاع، بل يتضمن أيضا رؤية تنموية طموحة قوامها الاستثمار وخلق فرص الشغل وتحفيز النمو الاقتصادي. في المقابل، أكد السير فوكس أن الأطروحات المناوئة لهذا المخطط تفتقر لأي بديل عملي أو بناء، وتعجز عن تقديم تصور حقيقي للتنمية والاستقرار في المنطقة.

ومن أبرز الإشارات ذات الدلالة، وفق ما أورده المقال، أن المملكة المتحدة، عبر هذا الموقف، تلتحق بشكل واضح بموقف حلفائها الغربيين، مثل الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا وألمانيا، الذين يعترفون بالدور المغربي المحوري، ويعتبرون الرباط شريكا موثوقا في قضايا الأمن الإقليمي والدولي.

في السياق ذاته، تطرق السير فوكس إلى الأبعاد الاقتصادية لهذا التقارب الاستراتيجي، معتبرا أن مشاريع كبرى كميناء الداخلة الأطلسي تمثل فرصة ثمينة لبريطانيا لتعزيز علاقاتها التجارية مع المغرب، والاستفادة من موقعه الاستراتيجي كبوابة بين إفريقيا وأوروبا. كما نوّه بمبادرة المغرب لتعزيز الربط بين بلدان الساحل والمحيط الأطلسي، مشيرا إلى أن هذا التوجه يعزز التوازن الإقليمي ويفتح آفاقا جديدة للتنمية والتعاون جنوب-جنوب.

على المستوى الأمني، حذّر الوزير البريطاني الأسبق من التهديدات المتزايدة التي يشكلها انفصاليو “البوليساريو”، نظرا لارتباطاتهم المقلقة بالتنظيمات الإرهابية والدول الراعية للفوضى في المنطقة. واعتبر أن هذه التهديدات لا ينبغي التعامل معها باستخفاف، إذ تمثل خطرا مباشرا على الاستقرار الإقليمي والمصالح الاستراتيجية لحلفاء المغرب، بما فيهم المملكة المتحدة.

وفي ختام مقاله، شدد السير ليام فوكس على أن توقيت القرار البريطاني بدعم الحكم الذاتي يحمل دلالات قوية، ويرسل رسائل طمأنة واضحة إلى المستثمرين والشركاء الدوليين بشأن استقرار الأوضاع في المنطقة ووضوح الرؤية الاستراتيجية البريطانية تجاه ملف الصحراء المغربية.

يتضح، من خلال هذا التموقع الجديد للمملكة المتحدة، أن لندن تراهن على شراكة طويلة الأمد مع الرباط، تُبنى على الثقة والمصالح المتبادلة، وتُترجم عبر دعم مشاريع تنموية وسياسات استباقية تهدف إلى تعزيز الأمن، وتحفيز النمو، ومواكبة التحولات التي تعرفها القارة الإفريقية برمتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

24 ساعة

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist