المغرب وتعزيز البعد الاجتماعي: من الحماية الاجتماعية إلى الهوية العالمية

الملاحظ  نورة حكيم ( صحفية متدربة)

في ظل التحولات الكبرى التي يعرفها المغرب، برزت القضايا الاجتماعية كأحد المحاور الأساسية التي تحظى باهتمام الدولة والمجتمع. بين دعم الحماية الاجتماعية، وتحسين مؤشرات المواطنة العالمية، وبين نقاشات مجتمعية حادة حول قضايا القيم، يبدو أن البعد الاجتماعي يشكّل اليوم حجر زاوية في رؤية “المغرب الجديد”.

في خطوة تؤكد التزام المغرب بتحسين حياة مواطنيه، أعلنت الحكومة عن تخصيص ما يقرب من 39 مليار درهم خلال عام 2025 لصالح برامج الحماية الاجتماعية، مع توقع ارتفاع الميزانية إلى أكثر من 41 مليار درهم في 2026. يشمل هذا المشروع الطموح توسيع التغطية الصحية، وتقديم إعانات مباشرة للفئات الهشة، ودعم التمدرس ومحاربة الفقر في العالم القروي.

هذه السياسة تأتي في إطار تفعيل الورش الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، والذي يشكل ثورة اجتماعية غير مسبوقة في تاريخ المغرب. فالهدف ليس فقط تخفيف الفوارق الطبقية، بل بناء مجتمع متوازن يضمن الحد الأدنى من الكرامة لكل مواطن.

أبرز تصنيف “المواطنة العالمية 2025” أن المغرب حقق قفزة نوعية، إذ احتل المرتبة الأولى على صعيد شمال إفريقيا، والمرتبة 100 عالميًا من بين 165 دولة. كما صنف في المرتبة 59 في ما يخص الفرص الاقتصادية، مما يعكس تحسنًا في السياسات المرتبطة بالتعليم، والاندماج، وحقوق الأفراد.

هذا التقدم يعكس، بشكل غير مباشر، نجاح المغرب في ترسيخ أسس الاستقرار الاجتماعي، والحفاظ على هوية وطنية منفتحة على العالم، وهي عوامل أساسية لبناء مجتمع ديناميكي يحترم التعددية ويكافئ الكفاءة.

رغم هذه المكاسب، فإن المجتمع المغربي لا يزال يعيش تجاذبات قوية حول بعض القيم الاجتماعية. أحدث مثال على ذلك الجدل الذي أثارته تصريحات عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الأسبق، عندما دعا الفتيات إلى تفضيل الزواج على الدراسة. هذا التصريح خلف موجة رفض واسعة، خصوصًا من قبل الشباب والناشطات النسويات، الذين رأوا فيه تراجعًا عن مكتسبات تم تحقيقها بصعوبة في مجال تمكين المرأة.

إن المغرب يوجد اليوم في مفترق طرق اجتماعي: من جهة، يسعى إلى تعزيز العدالة الاجتماعية والاستثمار في الإنسان؛ ومن جهة أخرى، يواجه نقاشًا داخليًا حول القيم والهوية. وبين هذا وذاك، تبقى الحاجة إلى حوار وطني شامل، يشارك فيه الجميع، ضرورية لضمان تماسك المجتمع وتقدمه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

24 ساعة

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist