الملاحظ نورة حكيم (صحفية متدربة)
في خطوة استباقية لمكافحة ممارسات الريع العقاري وتعطيل التنمية الاقتصادية، أطلقت الوكالة الحضرية للدار البيضاء، بتنسيق مع المصالح المركزية لوزارة الداخلية، عملية مراقبة واسعة النطاق باستعمال الطائرات المسيرة “الدرونات”، لرصد وضعية البقع الأرضية غير المستغلة داخل المناطق الصناعية الكبرى بجهة الدار البيضاء-سطات.
مصادر موثوقة كشفت أن هذه الحملة جاءت عقب تقارير ميدانية أكدت وجود عشرات العقارات الصناعية التي تم اقتناؤها بأسعار تفضيلية من قبل فاعلين نافذين، دون استغلالها الفعلي، ما جعلها تتحول إلى أدوات للمضاربة في سوق العقار بدل أن تكون محركًا للاستثمار وفرص الشغل.
وتُشير نفس المصادر إلى أن التحقيقات الجارية حالياً تركز على مسار حصول هؤلاء على هذه العقارات، وظروف تفويتها، ومدى احترامهم لدفاتر التحملات، خصوصاً في ظل مطالبات متزايدة من المستثمرين الصغار والمتوسطين بتوفير وعاء عقاري واضح وشفاف.
التحقيقات لم تقتصر فقط على المعطيات التقنية التي وفّرتها “الدرونات”، بل شملت أيضًا مراجعة معمقة للملفات الإدارية بتنسيق مع غرف التجارة والصناعة والخدمات، والمراكز الجهوية للاستثمار، بهدف معرفة مآل العقارات الصناعية التي جرى تحويلها إلى أدوات للربح السريع أو التي بقيت مهجورة رغم الإصلاحات الكبيرة في البنية التحتية.
وفي هذا الصدد، تم توجيه المسؤولين الترابيين والإقليميين بـجهة الدار البيضاء-سطات إلى تفعيل صلاحياتهم القانونية لحماية الاستثمار وتسهيل مساطر المشاريع المجمدة بسبب إشكالات عقارية، مع التأكيد على تسوية عدد كبير من الملفات في أقرب الآجال.
التحركات الجارية تأتي أيضًا في إطار تنزيل مقتضيات القانون 102.21 المتعلق بالمناطق الصناعية، والذي نصّ بشكل صريح على ضرورة تضمين عقود البيع والكراء التزام المستثمرين باستغلال العقارات داخل آجال محددة، مع فرض جزاءات قانونية صارمة في حال الإخلال بهذه الالتزامات، تصل إلى فسخ العقود.
وتكشف المصادر عن وجود تدقيق خاص في طلبات تحويل العقارات الصناعية إلى مدارس أو مصحات خاصة، وهي خطوة يُنظر إليها كوسيلة للرفع غير المشروع من القيمة العقارية عبر تغيير طبيعة الاستثمار دون احترام الغرض الأصلي للأوعية.
من جهته، أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، أن الوزارة تعمل على استرجاع العقارات الصناعية غير المستغلة عبر المسار القضائي، مشيراً إلى أن المضاربة هي السبب المباشر في اختلالات النظام العقاري الصناعي بالمغرب. وشدد على ضرورة الالتزام التام بدفاتر التحملات والقطع مع أي استعمال خارج الأهداف الاستثمارية المحددة.