الملاحظ – نورة حكيم (صحفية متدربة)
يقوض الرفض القاطع الذي أبدته السلطات المالية لأي وساطة أجنبية في شؤونها الداخلية، فرص نجاح المبادرة التي أطلقها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أواخر يوليوز الماضي للتوسط بينها وبين متمردي الطوارق في شمال البلاد، في خطوة تعكس تراجع الدور التقليدي للجزائر في المنطقة.
ووفق ما أورده تقرير لمجلة جون أفريك، فإن المبادرة الجزائرية بدت أقرب إلى موقف سياسي منها إلى عرض وساطة فعلي، بالنظر إلى إدراك الجزائر المسبق لموقف باماكو الرافض، خاصة في ظل اتهامات مالية للجزائر بإيواء قادة متمردين وشخصيات معارضة. ويرجع هذا التوتر إلى خلاف جوهري في الرؤى، حيث تسعى الجزائر إلى استرضاء الطوارق لتجنب امتداد الصراع إلى أراضيها الغنية بالموارد الطاقية.
التقرير أشار إلى تراجع التأثير الجزائري في الساحل من خلال محطتين أساسيتين: انسحاب مالي من اتفاق الجزائر في يناير 2024، ورفض نيامي في أكتوبر 2023 لخطة انتقال مدني اقترحتها الجزائر. ويعتبر اعتماد “ميثاق السلام” بقيادة عثمان إسوفي مايغا بمثابة إنهاء فعلي لاتفاق 2015 الموقع بالجزائر.
وبينما تعزو الجزائر هذا التراجع إلى “تأثيرات أجنبية معادية” تشمل المغرب وإسرائيل والإمارات، ترى جون أفريك أن للأمر أسباباً داخلية أيضاً، من بينها الانكفاء السياسي لأكثر من عقد نتيجة مرض الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة والاحتجاجات الشعبية، ما جعل الجزائر تنظر إلى الساحل كمنطقة أمنية عازلة أكثر من كونها فضاءً اقتصادياً واعداً.
في المقابل، يملأ المغرب هذا الفراغ عبر استراتيجية شاملة تمزج بين الاقتصاد والدين والأمن، من خلال “الاستراتيجية الأطلسية” التي تهدف إلى ربط دول الساحل الحبيسة بالمحيط الأطلسي، مانحاً الرباط موقعاً جيوسياسياً مميزاً ودوراً كوسيط بين تحالف الساحل وأوروبا و”سيدياو”.
ويأتي ذلك بالتزامن مع إعلان مالي في 3 غشت عن إطلاق سراح اثنين من أربعة رهائن مغاربة كان يحتجزهم تنظيم “داعش” منذ يناير 2025، في خطوة لقيت ترحيباً في الرباط.