الملاحظ – نورة حكيم (صحفية متدربة)
تسببت معطيات جديدة حول شبهات تلاعب في فواتير ومواصفات سلع مستوردة إلى المغرب في استنفار واسع لمصالح المراقبة الجمركية، وسط مخاوف من تأثير هذه الممارسات على المالية العمومية، وسلامة المستهلك، وتكافؤ الفرص بين الفاعلين الاقتصاديين.
وأفادت مصادر مطلعة أن إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة وجهت تعليمات صارمة إلى مختلف مصالحها الجهوية من أجل تشديد الرقابة على التصريحات الجمركية المتعلقة باستيراد بعض المواد الاستهلاكية والتجهيزات الإلكترونية وقطع الغيار، وذلك بعد رصد تباينات مقلقة بين الأسعار الحقيقية للسلع وقيمتها المصرح بها، فضلاً عن اكتشاف حالات عدم تطابق بين عينات السلع المستوردة والمواصفات التقنية المُعلن عنها في الوثائق الرسمية.
ويشتبه أن عدداً من الشركات المستوردة تعمد إلى خفض القيمة المصرح بها في الفواتير الأصلية بهدف تقليص الرسوم الجمركية والضرائب، فيما تلجأ أخرى إلى تمرير سلع بمواصفات مختلفة عن تلك المتفق عليها، ما قد يشكل تهديداً مباشراً لجودة المنتجات وسلامة المستهلكين.
وتأتي هذه التحركات في وقت يشدد فيه المغرب إجراءاته لمحاربة التهرب الضريبي وتعزيز الرقابة على سلاسل التوريد الدولية، خصوصاً بعد التوصيات الصادرة عن تقارير وطنية ودولية دعت إلى المزيد من الشفافية في المعاملات التجارية العابرة للحدود.
وبحسب المعطيات التي المحصل عليها ، فإن من بين السلع التي طالتها الشبهات مؤخراً، أجهزة إلكترونية ذات منشأ آسيوي، ومواد تجميل، وملابس جاهزة، تم التلاعب في فواتيرها الأصلية أو تم استيرادها تحت غطاء علامات تجارية غير مطابقة. وتحقق مصالح الجمارك حالياً في عشرات الملفات المرتبطة بهذه العمليات، بتنسيق مع مديرية الضرائب ومكتب الصرف، في انتظار تحديد المسؤوليات وترتيب الآثار القانونية.
في السياق ذاته، طالب مهنيون في قطاع الاستيراد بضرورة التمييز بين المتورطين فعلياً في التلاعبات والمستوردين الملتزمين بالقوانين، محذرين من أن الإفراط في الإجراءات العقابية قد ينعكس سلباً على سير الأنشطة التجارية القانونية ويضر بثقة المستثمرين.
ويُرتقب أن تُسفر التحقيقات الجارية عن حزمة من التوصيات التنظيمية والتقنية التي قد تشمل إعادة النظر في آليات التصريح، وتعزيز التكوين المهني للمراقبين الجمركيين، وتوسيع رقمنة المساطر الجمركية لضمان الشفافية وتتبع السلع المستوردة منذ لحظة مغادرتها بلد المنشأ.
وتؤكد هذه القضية من جديد أهمية تعزيز التنسيق بين أجهزة الرقابة المالية والتجارية، واعتماد مقاربة استباقية تحد من التلاعبات التي قد تُكبّد الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة، وتُضعف مناخ المنافسة المشروعة.