الملاحظ نورة حكيم (صحفية متدربة)
في خطوة تاريخية تعكس طموحات المملكة المغربية ومكانتها المتنامية إقليمياً ودولياً، تستعد المملكة، بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، لتنظيم بطولة كأس العالم 2030، وهو حدث يتجاوز في رمزيته وإمكاناته كونه تظاهرة رياضية إلى كونه رافعة استراتيجية لتحول شامل في مختلف القطاعات الوطنية.
كلمته خلال افتتاح النسخة الثامنة من منتدى “المغرب اليوم”، أكد رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، أن تنظيم هذا الحدث العالمي هو أكثر من مجرد بطولة لكرة القدم، بل يمثل محطة مفصلية في مسار التنمية المغربية. فالرهان لا يقتصر على النجاح التنظيمي فحسب، بل يمتد إلى جعل كأس العالم 2030 منصة لإبراز النموذج التنموي المغربي الجديد الذي يرعاه جلالة الملك محمد السادس، نصره الله.
هذا الحدث يشكل مناسبة لتجسيد الإرادة الملكية السامية في بناء مغرب دامج، متطور، وسيادي، يعتمد على الرأسمال البشري، ويستثمر في البنيات التحتية، ويعزز مكانته كقوة إقليمية فاعلة.
يعكس ترشيح المغرب المشترك صورة بلد منخرط في ورش تنموي متسارع، حيث شهدت المملكة في السنوات الأخيرة طفرة نوعية في البنيات التحتية: من شبكة القطارات فائقة السرعة إلى مطارات عصرية، وطرق سيارة ومدارية، إلى جانب منشآت سياحية وصحية ورياضية بمعايير دولية.
وأشار السيد أخنوش إلى أن البنيات التحتية الرياضية، التي تعرف تطوراً متزايداً، ليست موجهة فقط لتنظيم التظاهرات الكبرى، بل تمثل رافعة للتنمية المحلية والتلاحم الاجتماعي، خصوصاً في المدن المتوسطة والصاعدة.
من جهة أخرى، يعيش المغرب دينامية استثمارية غير مسبوقة، مدفوعة بإقبال متزايد على وجهته السياحية، حيث تم تسجيل رقم قياسي بـ17.4 ملايين سائح خلال عام 2023. هذا النمو يعكس ثقة المستثمرين والشركاء الدوليين في الاستقرار السياسي والمؤسساتي للمملكة، وكذا في قدرتها على ضمان بيئة اقتصادية جاذبة ومبتكرة.
ويواكب هذا الحراك انخراط المغرب في قطاعات المستقبل، مثل الصناعات المتطورة، الطاقات المتجددة، الرقمنة، والاتصالات، ما يعزز طموحه للتحول إلى مرجع إقليمي في مجالات ذات قيمة مضافة عالية.
لا يغفل هذا المشروع الوطني الكبير البعد الاجتماعي، حيث أكد رئيس الحكومة التزام الدولة بمواصلة تنزيل ورش الحماية الاجتماعية وفق الأجندة الملكية المحددة. فالمغرب، كما قال، يضع المواطن في صلب السياسات العمومية، ويعمل على تحقيق المساواة في الولوج إلى الخدمات، وضمان كرامة الجميع.
إن استكمال إرساء منظومة حماية اجتماعية فعالة وشاملة، يمثل عنصراً جوهرياً في بناء مغرب 2030، ويعكس التحول العميق نحو دولة قوية، عادلة، ومزدهرة.
إن الرهان على كأس العالم 2030 ليس فقط رهاناً على البروز الدولي، بل هو انطلاقة جديدة لمسار التنمية، وإرث ستستفيد منه الأجيال القادمة. فكما أكد رئيس الحكومة، فإن المغرب اليوم أمة التحديات، التي أثبتت عبر التاريخ قدرتها على تجاوز الصعاب وتحقيق الإنجازات تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس.
في المحصلة، لا شك أن تنظيم كأس العالم 2030 سيكون لحظة فارقة في تاريخ المملكة، ومنصة استراتيجية لترسيخ موقعها ضمن الأمم الصاعدة، وتعزيز إشعاعها الحضاري والثقافي، وبناء نموذج تنموي متكامل يُحتذى به في القارة الإفريقية وخارجها.