محادثات إسرائيلية-جنوب سودانية لبحث إعادة توطين فلسطينيين من غزة تثير رفضاً فلسطينياً واسعاً

الملاحظ – نورة حكيم (صحفية متدربة)

أفادت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة أنباء دولية، الجمعة، بأن إسرائيل وجنوب السودان تجريان محادثات حول اتفاق محتمل لنقل فلسطينيين من قطاع غزة إلى الدولة الأفريقية، في خطوة قوبلت برفض شديد من القيادة الفلسطينية ووصفت بأنها “غير مقبولة”.

وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن المباحثات ما تزال جارية ولم يتم التوصل بعد إلى اتفاق نهائي. ووفق الخطة المطروحة، سيتم نقل سكان من غزة — التي تمزقها حرب مستمرة منذ نحو عامين — إلى جنوب السودان، في ظل تصريحات متكررة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي طالب الفلسطينيين بالمغادرة “طوعاً”.

وترجع فكرة إعادة التوطين إلى اجتماعات عقدت الشهر الماضي بين مسؤولين إسرائيليين ووزير الخارجية في جنوب السودان، مونداي سيمايا كومبا، خلال زيارته لتل أبيب، وفق المصادر نفسها.

لكن وزارة الخارجية في جوبا نفت الأربعاء صحة التقارير، ووصفتها بأنها “لا أساس لها من الصحة”، بينما امتنعت عن تقديم أي تعليق إضافي حول ما كشفته المصادر. وكانت وكالة أنباء دولية أخرى قد نشرت تفاصيل مشابهة في وقت سابق، نقلاً عن ستة مصادر مطلعة.

وعلى الفور، أعربت القيادة الفلسطينية عن رفضها القاطع لأي مقترح من هذا النوع. وقال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن “أي خطط أو أفكار لتهجير الفلسطينيين، سواء إلى جنوب السودان أو غيره، مرفوضة تماماً”، مؤكداً أن “الحل الحقيقي يكمن في وقف الحرب الإسرائيلية، إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان، وليس في تهجير شعبنا عن أرضه”. وأكد مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس موقف القيادة الرافض لأي محاولات لإعادة التوطين القسري، فيما لم ترد حركة حماس حتى الآن على طلبات التعليق.

وفي جنوب السودان، زارت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي شارين هاسكل البلاد هذا الأسبوع، وأجرت مباحثات مع الرئيس سلفا كير ووزير خارجيته تناولت، وفق البيانات الرسمية، العلاقات الثنائية والتعاون في مجالات النفط والغاز والمعادن والزراعة والمياه، إضافة إلى الأوضاع في إسرائيل وجنوب السودان. ونفت هاسكل أن تكون المحادثات قد ركزت على مسألة إعادة التوطين، مؤكدة أنها تناولت “السياسة الخارجية والمنظمات متعددة الأطراف والأزمة الإنسانية في جنوب السودان”.

على المستوى الشعبي، أثارت التقارير عن احتمال استقبال فلسطينيين من غزة جدلاً واسعاً في شوارع جوبا وعلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسم الرأي العام بين معارضين اعتبروا الأمر “تهديداً أمنياً ونقصاً في الموارد”، ومؤيدين رأوا فيه فرصة لتعزيز الحماية وتحسين التعاون على الحدود.

وتأتي هذه التطورات في وقت يسعى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى إيجاد “وجهات بديلة” للفلسطينيين الراغبين في مغادرة القطاع، في حين يواجه أي توجه لإعادة التوطين القسري رفضاً عربياً ودولياً واسعاً، باعتباره محاولة لإعادة سيناريو النكبة عام 1948. ويثير المقترح تساؤلات حول الأبعاد الإنسانية والسياسية والقانونية لتهجير سكان غزة، الذين يعيشون تحت حصار مستمر منذ سنوات ويواجهون أوضاعاً معيشية صعبة للغاية.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن أي اتفاق محتمل بين إسرائيل وجنوب السودان لن يكون سهلاً على أرض الواقع، نظراً للظروف السياسية والأمنية المعقدة في جنوب السودان، التي تشمل نزاعات مسلحة متكررة وأزمة إنسانية حادة، فضلاً عن محدودية الموارد الأساسية مثل الغذاء والمياه والطاقة. ويضيف خبراء أن أي خطة لإعادة التوطين ستكون عرضة لانتقادات واسعة على الصعيد الدولي، وستضع ضغوطاً كبيرة على جنوب السودان، الدولة الصغيرة التي تكافح لتأمين حد أدنى من الاستقرار لشعبها.

وتظل قضية غزة واحدة من أبرز التحديات الإنسانية والسياسية في الشرق الأوسط، مع استمرار النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وغياب حل سياسي شامل. وفي ظل الحديث عن محاولات لإيجاد “وجهات بديلة”، يبقى الفلسطينيون متحفّظين ويؤكدون أن أي حلول خارجية لا تعالج جذور الاحتلال والصراع لن تحل الأزمة، بل قد تؤدي إلى تعقيدها بشكل أكبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

24 ساعة

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist