مراكش تعيد إفريقيا إلى قلب المداولات العالمية حول تعافي الاقتصاد

مراكش تعيد إفريقيا إلى قلب المداولات العالمية حول تعافي الاقتصاد

في سياق تباطؤ الاقتصاد الإفريقي الذي تفاقم بسبب تنامي التوترات الجيوسياسية، وبعد مرور 50 عاما على آخر اجتماع عُقد في كينيا، يعود صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى القارة الإفريقية لعقد اجتماع عالمي في مدينة مراكش المغربية، من 9 إلى 15 أكتوبر المقبل، حيث سيحضره حوالي 15 ألف مشارك رفيع المستوى، بمن فيهم كبار المسؤولين الماليين ومحافظو البنوك المركزية في الدول الأعضاء البالغ عددها 189 دولة، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني والقطاع الخاص ووسائل الإعلام الدولية والأكاديميين العالميين.

وسيكون مستقبل إفريقيا محور اجتماع المشاركين، مثلما أوضحت كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في حديث لقناة “سي إن إن” الأمريكية الجمعة، مشيرة إلى أن التركيز سيكون حول التعافي الاقتصادي في إفريقيا وخفض التضخم، في الوقت الذي تكافح فيه بلدان القارة من أجل التغلب على تداعيات تباطؤ النمو ومشكلة الأمن الغذائي وأزمة الديون؛ علمًا بأن التركيبة السكانية الشابة في القارة تجعلها أيضاً منطقة غنية بالفرص.

وقالت كريستالينا جورجييفا “نحن نشعر بقلق بالغ إزاء الضغط المالي على البلدان ذات الدخل المنخفض. إنه يأتي من تبخر الحيز المالي بسبب تأثير كوفيد، ويأتي من ارتفاع مستويات الديون وارتفاع أسعار الفائدة. وعندما نذهب إلى المغرب، فإن أهم أولوياتنا على المدى القصير على المستوى العالمي هي خفض التضخم حتى نتمكن من رؤية أسعار الفائدة تنخفض”.

وأضافت قائلة “حرصنا، في صندوق النقد الدولي، على العمل مع البلدان لحماية النفقات الاجتماعية ولرفع جودة الإنفاق على التعليم، وجودة الإنفاق على الصحة والحماية الاجتماعية، لأن تعليم الأولاد والبنات أمر بالغ الأهمية. إنها طريقة لزيادة الإنتاجية وإطلاق العنان لإمكانات النمو”.

وتوقعت أن يكون هناك تركيز قوي على القارة الإفريقية، بعد 50 عاما على الاجتماع الذي عقده صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في كينيا. كما أعربت كريستالينا جورجييفا عن أملها في الوصول إلى تطوير رؤية مشتركة حول كيفية دفع الاقتصاد العالمي إلى الأمام.

وأكدت أن الاجتماع المقبل الذي سيجمع بلدان العالم سيكون حاسما للتفكير في كيفية التغلب على التحديات قصيرة المدى وكذلك التحديات طويلة المدى المتمثلة في النمو البطيء والعالم المجزأ.

وفي مواجهة هذا الاضطراب، تؤكد المديرة العامة للمؤسسة المالية الدولية على أهمية وجود زخم عالمي مماثل للديناميكيات التي بدأت للتغلب على الأزمة التي ولدتها جائحة “كوفيد”. وقالت بهذا الخصوص “كان من الممكن أن ينهار الاقتصاد العالمي خلال كوفيد، لكنه لم يحدث. لماذا؟ لأننا اجتمعنا كلنا وتجاوزنا هذه الأزمة.”

وتابعت قائلة: “في مراكش، نحتاج إلى التركيز بشكل خاص على آفاق الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية وإبراز الفرص التي يقدمها الشباب الأفريقي لإفريقيا وبقية العالم”.

وما يتعين علينا القيام به، وفق المسؤولة المذكورة، هو العمل على ثلاث جبهات: أولاها الاتصال المادي بين البلدان. وثانيها إزالة الحواجز التجارية وغير التجارية. وقالت “لقد قمنا بإعداد ورقة بحثية حول كيف يمكن لاتفاقية التجارة الحرة القارية أن تفيد إفريقيا إذا تمت إزالة هذه الحواجز التجارية وغير التجارية، وكانت النتائج مذهلة: يمكن أن تزيد التجارة داخل إفريقيا بنسبة 53%، والتجارة بين بلدان هذه القارة وبقية العالم بنسبة 15%. ويمكن أن ينمو نصيب الفرد من الدخل الحقيقي بنسبة 10%”.

أما الجبهة الثالثة فتتمثل في العملة الرقمية، وقالت: “كما أن هناك حاجة إلى الاتصال المادي، نحن بحاجة إلى كل شركة إفريقية وكل مؤسسة إفريقية متصلة بالإنترنت، وهذا يتطلب عملاً منسقًا من جانب الحكومات”.