يعود إلى المغرب بعد تجربة مريرة: سفينة “حنظلة” بين الحلم الإنساني والقرصنة الإسرائيلية

الملاحظ نورة حكيم (صحفية متدربة)

عاد الصحافي المغربي محمد البقالي، صباح الثلاثاء، إلى أرض الوطن، بعد ترحيله من طرف سلطات الاحتلال الإسرائيلي إثر مشاركته ضمن طاقم سفينة “حنظلة”، التي أبحرت في مهمة رمزية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة. البقالي، أحد أبرز الوجوه الإعلامية الداعمة للقضية الفلسطينية، تحدث للصحافة من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، واصفًا ما تعرض له رفقة طاقم السفينة بأنه “قرصنة بحرية في عرض المياه الدولية، واعتداء على الصحافة والإنسانية معًا”.

انطلقت سفينة “حنظلة” يوم 13 يوليوز من ميناء سيراكوزا الإيطالي، وعلى متنها 21 ناشطًا من عشر جنسيات، من ديانات وأعراق مختلفة، يوحّدهم هدف إنساني نبيل: لفت أنظار العالم إلى معاناة الفلسطينيين تحت الحصار. من بين المشاركين، سياسيون وناشطون وصحافيون، من بينهم البقالي، إلى جانب نائبة فرنسية ومواطنين أمريكيين – بينهم يهود – أرادوا إيصال رسالة مفادها أن القضية الفلسطينية لا تخص العرب وحدهم، بل هي قضية كونية.

لكن الرحلة لم تصل إلى مبتغاها؛ ففي عرض البحر قبالة غزة، اعترضت البحرية الإسرائيلية السفينة في عملية وصفها المشاركون بـ”العدوانية والمخالفة للقانون الدولي”، حيث تم احتجاز الطاقم، وإخضاعهم لاستنطاق مطوّل تحت التهديد، والحرمان من المحامي أو المثول أمام قاضٍ.

يروي البقالي تفاصيل دقيقة من المعاملة التي وصفها بـ”الفظيعة والمهينة”، قائلاً إن طاقم البحرية الإسرائيلية أطلق عليهم أوصافًا عنصرية باللغة العربية مثل “جرذان” و”ذباب”، مرفوقة بتهديدات بمتابعتهم بتهم “إرهابية” بسبب محاولتهم “اختراق منطقة عسكرية”. كما أوضح أن الإسرائيليين حاولوا تقديم بعض المشاهد المصوّرة كمحاولة للعلاقات العامة، لكن الطاقم كان قد أخفى كاميرات سرية وثّقت لحظة الاعتراض والطريقة المهينة التي تم بها التعامل معهم، قبل أن تكتشفها القوات لاحقًا وتصادرها.

بعد أيام من الاحتجاز، تم الإفراج عن النشطاء وترحيلهم قسرًا دون محاكمة أو حق قانوني في الطعن، حيث وقّعوا فقط على قرارات بالإبعاد. ورغم محاولة الاحتلال تصوير العملية كإجراء قانوني، إلا أن غياب أي مسطرة قضائية أو إشراف دولي على العملية جعلها محل إدانة من عدة منظمات حقوقية.

واقعة احتجاز البقالي خلّفت ردود فعل قوية في المغرب، حيث عبّرت منظمات صحفية وحقوقية ونقابية عن تضامنها الكامل، مطالبة الحكومة المغربية باتخاذ مواقف أكثر حزماً في الدفاع عن مواطنيها، خاصة أولئك الذين يتحركون في إطار المهام الإنسانية أو الصحفية. وقد أجمعت معظم البيانات الصادرة على اعتبار ما جرى “انتهاكًا صارخًا لحرية الصحافة ومخالفة فاضحة للقوانين الدولية”.

في ختام تصريحه، عبّر محمد البقالي عن امتنانه للتضامن الشعبي المغربي الذي تلقاه، مشيرًا إلى أن تجربة “حنظلة” غيّرت فيه الكثير. وقال: “كنت في قطيعة مع العالم طيلة عشرة أيام، وعندما خرجت، أدركت لماذا للمغاربة حيّ في القدس… هذا الارتباط الوجداني العميق مع فلسطين حقيقي”. وأضاف أن فشل السفينة في الوصول إلى غزة لم يكن نهاية المطاف، بل إنها “كسرت جدار الصمت”، مؤكداً أن الحصار لا يُقاوم فقط بالسلاح، بل أيضًا بالصوت، بالكلمة، وبالرسائل الرمزية التي تهزّ ضمير العالم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

24 ساعة

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist