الملاحظ نورة حكيم (صحفية متدربة)
تواصلت فصول المحاكمة التي أثارت الرأي العام المغربي، والمتعلقة بحادث دهس الطفلة “غيثة” على شاطئ سيدي رحال، وذلك خلال جلسة جديدة عقدتها المحكمة الزجرية الابتدائية بمدينة برشيد، مساء الأربعاء، وسط ترقب واسع من الرأي العام ومتابعة دقيقة من وسائل الإعلام.
تميزت الجلسة بعرض دفوع شكلية من هيئة الدفاع عن المتهم، ركزت على التشكيك في قانونية مسطرة الاستنطاق والمحاضر المعتمدة في المتابعة القضائية. واعتبرت هيئة الدفاع أن المسطرة التي بُنيت عليها المتابعة تشوبها اختلالات قانونية وإجرائية تستوجب بطلانها.
في مرافعتها، اعتبرت المحامية سميرة سرحان، من هيئة دفاع المتهم، أن محضر الاستنطاق يفتقر إلى الأسس القانونية المنصوص عليها في المادة 212 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تؤطر ضمانات حقوق الدفاع. وركزت على أن المحضر أُنجز من طرف شخص “منعدم الصفة القانونية”، ولم يُوقع من طرف كاتب الضبط كما ينص عليه القانون، ما يشكل، حسب رأيها، خرقاً واضحاً للمقتضيات الإجرائية.
وسلطت الضوء أيضاً على نواقص تقنية في ظروف الاستنطاق، منها غياب آلة كاتبة بالمكتب، وعدم توثيق المحضر لتمسك المتهم بأقواله رغم وجود ثلاثة محامين إلى جانبه. وطالبت، بناءً على هذه الملاحظات، بإصدار حكم مستقل يقضي ببطلان المحضر وما ترتب عنه من متابعة.
من جهته، دعم المحامي خليل الإدريسي، عضو هيئة دفاع المتهم، هذه الدفوع، مبرزاً أن المحضر “يتناقض مع الواقع” ويغيب عنه توقيع كاتب الضبط، وهو ما يشكل، بحسب تقديره، مساً بحقوق المتهم وسبباً كافياً للمطالبة بإطلاق سراحه الفوري.
في المقابل، قدم دفاع الطرف المدني، ممثلاً في المحامي الصوفي، دفوعاً مضادة اعتبر فيها أن ما يثار من ملاحظات لا يرقى إلى مستوى الدفع الجوهري، مؤكداً أن أي طعن في محاضر النيابة العامة يجب أن يتم عبر مسطرة الطعن بالزور وليس من خلال دفوع شكلية. كما شدد على أن اعترافات المتهم تمت بحضور النيابة العامة وتحت إشراف مباشر لوكيل الملك، ومُوقعة من طرفه بشكل صريح.
بدوره، اعتبر وكيل الملك أن هذه الدفوع لا تعدو أن تكون “تشكيكاً مجانياً” في عمل النيابة العامة وفي نزاهة الضابطة القضائية. وأكد أن المحضر أنجز وفقاً للمساطر القانونية، واستند إلى محضر رسمي للضابطة القضائية، وتم عرضه على المتهم الذي صادق عليه دون تحفظ. وأضاف أن الدفاع طالب ضمن المحضر نفسه بمتابعة المتهم في حالة سراح، ما يدل، حسب رأيه، على احترام تام للضمانات القانونية المكفولة للمتهم.
وفي ختام الجلسة، قررت هيئة المحكمة عدم البت في الدفوع الشكلية بشكل مستقل، واختارت ضمها إلى جوهر القضية، ما يعني أن الحسم فيها سيتم ضمن الحكم النهائي الذي سيصدر لاحقاً، في انتظار الجلسات المقبلة.
تظل قضية “الطفلة غيثة” واحدة من القضايا التي تحظى باهتمام واسع لدى الرأي العام المغربي، لما تحمله من أبعاد إنسانية وقانونية، ولطبيعة الحادث الذي هز مشاعر المغاربة، بعدما راحت طفلة بريئة ضحية حادث دهس مأساوي على أحد شواطئ الترفيه الصيفية.
وبين دفوع قانونية تؤسس على احترام الشكل، ودفاع مدني يستنفر لبناء حجية الموضوع، يبقى قرار القضاء هو الفيصل في هذا الملف الحساس، في انتظار ما ستسفر عنه الجلسات القادمة من تطورات.