الملاحظ نورة حكيم (صحفية متدربة)
في خطوة استراتيجية تترجم طموح المغرب الرقمي، أعلنت المملكة عزمها إطلاق شبكة الجيل الخامس (5G)، ما يعزز الآمال بإحداث ثورة تكنولوجية في قطاعات متعددة، على رأسها قطاع الألعاب الإلكترونية الذي يشهد نمواً عالمياً متسارعاً.
يرى خبراء المجال أن إدخال تقنية 5G سيُحدث قفزة نوعية في تجربة اللاعبين المغاربة، من خلال توفير سرعة اتصال فائقة وزمن استجابة شبه معدوم، مما يشكل بيئة مثالية لنمو رياضة الـeSports وصناعة المحتوى المرتبط بها. غير أن هذه الانطلاقة المرتقبة تصطدم بعدة تحديات ميدانية، أبرزها الفجوة الرقمية بين المدن الكبرى والمناطق الهامشية، إضافة إلى ضعف البنية التحتية الرقمية في بعض الجهات.
الطيب الهزاز، خبير في الأمن السيبراني والرقمنة، يرى أن “الأنترنيت هو العمود الفقري لعالم الألعاب الإلكترونية”، مبرزاً أن المغرب لا يزال يعاني من غياب التنظيم في القطاع، خصوصاً من الناحية المالية، مما يحول دون تطوره بالشكل المرجو.
ويضيف الهزاز أن العديد من اللاعبين المغاربة يصطدمون بتحدي ضعف شبكة الجيل الرابع، ما يؤثر سلباً على أداء اللاعبين ويقوّض فرص نجاحهم في المنافسات الدولية. هذا الواقع، برأيه، يمكن أن ينقلب لصالح القطاع بمجرد إطلاق شبكة 5G، شريطة توفر إرادة حقيقية للاستثمار وتوسيع التغطية الجغرافية.
في المدن الكبرى، تنتشر صالات الألعاب الإلكترونية التي أصبحت قبلة الشباب، إلا أن هذه الفضاءات تعاني من هشاشة في بنيتها التكنولوجية، بل إن بعضها مهدد بالإغلاق فقط بسبب رداءة الاتصال بالأنترنيت.
ويرى الهزاز أن اعتماد 5G يمكن أن يكون بمثابة طوق نجاة لهذه الفضاءات، بل وقد يتحول إلى قوة دافعة لتحويلها إلى منصات تنافسية تُصدّر لاعبين محترفين إلى الساحة العالمية.
من جانبه، يؤكد بدر بلاج، خبير رقمي ومحلل لأسواق العملات الرقمية، أن دخول شبكة الجيل الخامس سيشجع شريحة أوسع من المستخدمين على خوض تجربة الألعاب الإلكترونية، خصوصاً في الأماكن العامة، دون الحاجة إلى بنية تحتية منزلية قوية مثل الألياف البصرية.
لكن بلاج يحذر من أن تعميم هذه التقنية في مختلف ربوع البلاد سيواجه تحديات كبيرة، لعل أبرزها الاستثمارات الضخمة المطلوبة لتوسيع التغطية، إلى جانب التكلفة المرتفعة لأجهزة الهواتف والأنظمة المتوافقة مع 5G، ما قد يعمّق الفجوة الرقمية بين المركز والهامش.
رغم التحديات، يُجمع المتخصصون على أن نجاح إطلاق شبكة 5G بالمغرب قد يكون رافعة اقتصادية جديدة، ليس فقط لدعم قطاع الألعاب الإلكترونية، بل أيضاً لجذب مستثمرين دوليين نحو إنشاء منظومات تصنيع محلية لأجهزة اللعب والمنصات الذكية، وهو حلم لا يزال بعيد المنال دون انخراط فاعلين عالميين في هذا المسار.
إطلاق شبكة الجيل الخامس في المغرب يحمل في طياته وعوداً بتحول رقمي شامل، لكن نجاحه في دعم قطاع الألعاب الإلكترونية يتطلب أكثر من مجرد تغطية تقنية؛ بل يحتاج إلى إرادة سياسية، وبيئة استثمارية مشجعة، ورؤية شاملة تُراعي العدالة الرقمية بين جميع جهات المملكة.