في خطوة تعكس تحولا دبلوماسيا بارزا، أعلنت المملكة المتحدة يوم الأحد 1 يونيو 2025 دعمها الرسمي لمبادرة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء المغربية، معتبرة إياها “الأساس الأكثر مصداقية واستدامة وبراغماتية” لحل هذا النزاع الذي امتد لخمسين عامًا. وجاء هذا الإعلان خلال زيارة وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى الرباط، حيث التقى نظيره المغربي ناصر بوريطة، وتم التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون الثنائي.
وأوضح وزير الخارجية البريطاني أن دعم بلاده للمبادرة المغربية يأتي في إطار دعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع. وقال لامي: “المملكة المتحدة تشجع كافة الأطراف على الانخراط بشكل إيجابي وعاجل في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة”، مشددًا على أهمية التوصل إلى حل “دائم ونهائي يوفر مستقبلاً أفضل لشعوب المنطقة”.
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية المغربي أن الموقف البريطاني الجديد يمثل تطورًا نوعيًا في تعاطي المجتمع الدولي مع قضية الصحراء المغربية، خاصة أن المملكة المتحدة عضو دائم في مجلس الأمن وصوتها له وزن ومصداقية دولية. وأكد بوريطة أن “هذا الموقف يساهم في الدفع بالمسار الأممي نحو حل نهائي قائم على مبادرة الحكم الذاتي”، موضحا أن الدينامية الجديدة “ليست تشريفا بل مسارا واقعيا لتسوية هذا النزاع الطويل الأمد”.
التحول البريطاني أثار استياء الجزائر، التي سارعت وزارة خارجيتها إلى إصدار بيان تعرب فيه عن “أسفها” لهذا القرار. ووصفت الجزائر المبادرة المغربية بأنها “فارغة المحتوى ولم تُعرض يوماً بجدية في مفاوضات الأمم المتحدة”، متهمة بريطانيا بالانحياز إلى موقف لم يخضع لموافقة الصحراويين.
يُذكر أن المغرب يسيطر على معظم أراضي الصحراء المغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة، ويقترح منذ 2007 منح المنطقة حكما ذاتيا تحت سيادته. في المقابل، تطالب جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، بالاستقلال الكامل. وتُصنف الأمم المتحدة الإقليم ضمن “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”، وقد جدد مجلس الأمن الدولي في أكتوبر 2024 دعوته للأطراف المعنية لاستئناف المفاوضات دون شروط مسبقة.
ويأتي الموقف البريطاني الجديد في سياق تغير أوسع في مواقف عدد من الدول الغربية، خاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء في 2020، ضمن اتفاق تطبيع العلاقات بين الرباط وتل أبيب. وقد تبع هذا القرار دعم إسبانيا وألمانيا لمبادرة الحكم الذاتي، واعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الإقليم.
إلى جانب الدعم السياسي، تطرقت زيارة لامي إلى الجوانب الاقتصادية، إذ وقع الجانبان أربع اتفاقيات تعاون تشمل مجالات التعليم، المياه، الموانئ، والصحة. كما أشار بيان مشترك إلى إمكانية دعم الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات مشاريع استثمارية في الصحراء المغربية، ضمن برنامج يمتد إلى تعبئة 5 مليارات جنيه إسترليني لدعم التنمية الاقتصادية في المغرب.
بهذه الخطوة، تلتحق لندن بالعواصم الغربية التي اختارت دعم مقترح الحكم الذاتي كحل للنزاع في الصحراء المغربية، ما يساهم في إعادة تشكيل المواقف الدولية ويزيد من الزخم الدبلوماسي حول المبادرة المغربية.