الحكومة.. احتقان اجتماعي وأشياء أخرى..!؟
بقلم: مصطفى البحر
لاشك أن الحكومة المغربية بقيادة عزيز أخنوش وتركبتها الثلاثية ،تعي جيدا حقيقة الوضع الإجتماعي الرهيب الذي تعيشه فئات عريضة من المواطنين على أكثر من صعيد. وبالتالي فالحكومة ذانها وتركبتها تدرك حجم المخاطر التي يمكن أن تترتب على ما يعرف بالسلم الإجتماعي، ومن خلاله على الامن والنظام العام والإستقرار داخل المملكة.
فاستنطاق المؤشرات ذات الصلة بالواقع الإجتماعي، تؤكد بشكل علني لا لبس فيه أن المواطن المغربي يصطلي بنيران حارقة لاقبل له بها على مر التاريخ المغربي، لما يزيد عن الثلاثة سنوات. بدءا من الإرتفاع الصاروخي للأسعار في جميع القطاعات، وصولا الى الضربات الفجائية الصادمة وغير المتوقعة لقضية الضرائب ومعها الجبايات التي لم تعد تستثني أي مفصل من مفاصيل الحياة المجتمعية وغيرها لهذا المواطن، مرورا بتواتر عوامل الضغوط والتكاليف المعيشية داخل مربع الأسرة وخارجها. هذا التكالب إن جاز القول يقابله بكل تأكيد انحدار غير مسبوق على مستوى الإنهيار الكلي للقدرة الشرائية للمواطن على جميع المستويات. ما يشكل عنصر ضغط على واقع الحال يدفع باتجاه رفع منسوب الإحتقان الإجتماعي الى مرحلة الخطر المنتهي الى الإنفجار.
وتأسيسا على هذا المنحى غير الطبيعي، يمكن القول أن مواصلة الحكومة في تجاهلها وتغاضيها المستفز لما يجري داخل الساحة الوطنية، وسوء تقديرها لحقيقة الواقع المعيش وما يتصل به من غليان اجتماعي، قد يعجل بقلب الطاولة عليها عبر ردود فعل غير متوقعة وغير معهودة، سيما وأن شهر رمضان الأبرك على الابواب. والحكومة تعلم علم اليقين أن هذا الأخير يتضاعف فيه الإستهلاك بشكل لافت. ولا نجانب منطق الصواب إذا ما قلنا أن ما تعرفه الساحة الوطنية من هدوء مشوب بالحذر هو ذلك الذي يسبق العاصفة ليس إلا. وبالتالي فأمر لا يمكن فهمه من باب التهويل الذي قد يعتقده البعض ،بل على العكس من ذلك على اعتبار أن ما يجري من تواتر للأزمات الإجتماعية وما ينتج عن ذلك من نكسات قاهرة، ترفع عاليا صوت دقات ناقوس الخطر.
والاكيد أن واقع الحال في الوقت الراهن بصيغه المجتمعية، هو جزأ من مفردات الازمة الشبه عام التي تتشابك خيوطها على أكثر من صعيد داخل الساحة الوطنية، هذا دون الحديث عن حجم الإكراهات والتحديات الخارجية المرتبطة أساسا بالمصالح الإستراتيجية الكبرى للبلاد، بما في ذلك قضية الوحدة الترابية للمملكة وما يتعلق بها من رهانات متداخلة وصعبة في ظل التصعيد الممنهج والعدائي لخصوم قضيتنا الوطنية. هذه العوامل مجتمعة تشكل فواصل ضاغطة تزيد من عبأ المتاعب والازمات والمطبات المرهقة لكاهل المواطن المغربي من جهة، وتطرح تحديات ليست بالهينة قد تؤدي الى انفرط سبحة السلم الإحتماعي وتقوض بعض اسس النظام العام داخل البلاد من جهة ثانية. ما يجعل الشارع في مواجهة مباشرة مع النظام نفسه في ضوء الإقرار بالقفز على شيء إسمه الحكومة، بخاصة إذا ما كانت من نوع التركبة الحالية، وبالمستوى التدبيري القاصر للشأن العام الوطني المتداول.
بمعنى آخر أي قراءة خاطئة لمجريات هذه المعطيات وسوء تفكيك شفراتها، قد تفرز نتائج عكسية الى درجة الصدمة، ساعتها ستكون كل المؤشرات والمئالات تصب في خانة إعادة تموقع الأحداث المنتهية ببساطة الى حتمية الصراع من المواجهة على شاكلة “وجها لوجه” ومن ثمة فرض قواعد وآليات جديدة على طاولة لعبة الشطرنج المغربية.