النظام الجزائري يعتقل أم المعارضة بوراوي الهاربة إلى فرنسا ومطالب بكشف مصيرها

النظام الجزائري يعتقل أم المعارضة بوراوي الهاربة إلى فرنسا ومطالب بكشف مصيرها

أياما قليلة بعد الجدل الذي رافق هروب المعارضة الجزائرية أميرة بوراوي من تونس إلى فرنسا، بعد تدخل دبلوماسي هذه الأخيرة، وما تبعه من سحب عبد المجيد تبون سفير الجزائر لدى فرنسا للتشاور، أقدمت السلطات الجزائرية أم وشقيقة الناشطة الجزائرية، على خلفية قضية فرارها، قبل أن تطلق سراح الشقيقة وتحتفز بالأم.

وكانت عناصر من الدرك الوطني الجزائري قد اعتقلت، أمس السبت، والدة وشقيقة الناشطة الحقوقية الجزائرية أميرة بوراوي، حيث أوضحت المصادر أن الأم البالغة من العمر 71 عاما، التي تعاني من مرض في القلب، وسبق أن أجرت عملية جراحية على مستوى القلب عام 2016 بالمستشفى العسكري عين النعجة سريعة، اقتيدت، صباح اليوم الأحد، من الجزائر العاصمة إلى عنابة، من أجل تقديمها أمام قضاء، فيما تم الإفراج عن شقيقتها وفاء بوراوي.

وشاركت وفاء بوراوي العديد من التدوينات على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك متساءلة حول مصير والدتها التي لا يعرف مكان تواجدها، بينما أفادت مصادر حقوقية أن والدة الناشطة أميرة بوراوي، وضعت رهن الاعتقال طوال ليلة الأمس بمقر الدرك الوطني بمنطقة عاشور بولاية الجزائر العاصمة.

وكانت شقيقة أميرة قد كتبت على صفحتها يوما قبل اعتقالها: “اختيار أختي مغادرة البلاد جاء بعد كل الضغوط التي مرت بها عائلتي وأنا من أجل لا شيء”، مضيفة “إرسال وكلاء مدنيين يومين على التوالي في وقت متأخر من الليل للضغط علينا مع أم مسنة ومريضة أمر غير مقبول. أنا أفهم بشكل أفضل لماذا اختارت أختي المغادرة”.

وصرحت أميرة بوراوي، في حوار لها مع ع “قناة تي في 5 موند”، إنها بالفعل غادرت التراب الجزائري بطريقة غير شرعية نحو تونس، عبر معبر أم الطبول الحدودي بولاية الطارف أقصى الشمال الشرقي للجزائر، لكن ذلك لم يكن بمساعدة أحد، على حد قولها.

وأفادت الناشطة أن السفارة الفرنسية لم تكن على علم بالقضية، إلا عندما تم اختطافها في تونس على يد الشرطة بعد أن أطلقت النيابة سراحها، وحديث المحامين والمنظمات الحقوقية عن القضية، ليقوم بعدها القنصل الفرنسي بالتدخل ويعلن أنها تحت الحماية القنصلية الفرنسية لمنع ترحيلها إلى الجزائر.

وكتبت الصحافية التي كانت ممنوعة من مغادرة الجزائر وأوقفت في تونس قبل إطلاق سراحها بأمر من المحكمة وتوجهها إلى فرنسا الاثنين، “لم أذهب إلى المنفى، فأنا في بلدي هنا مثلما كنت في الجزائر”.

وأضافت بوراوي عبر فيسبوك “سأعود قريبا جدا” إلى الجزائر.

قررت الجزائر التي تربطها بفرنسا علاقات معقدة وأحيانا متوترة، الأربعاء استدعاء سفيرها في باريس “للتشاور”، متحدثة عن “عملية إجلاء سرية وغير قانونية لرعية جزائرية”.

وصلت الناشطة إلى تونس الجمعة، وأوقفت أثناء محاولتها الصعود على متن طائرة متجهة إلى فرنسا بجواز سفرها الفرنسي.

بعد ذلك، قرر القضاء التونسي الإفراج عنها وتأجيل قضيتها إلى 23 شباط/فبراير، بحسب محاميها، لكن شرطة الحدود أوقفتها وتعرضت لخطر الترحيل إلى الجزائر قبل أن تتمكن أخيرًا من الخروج ومغادرة تونس.

واعتبرت بوراوي تصرف شرطة الحدود التونسية “اختطافا”.

ويذكر أن أميرة بوراوي هي صحافية وطبيبة ومعارضة جزائرية تبلغ من العمر 46 عامًا وحاصلة على الجنسية الفرنسية، معروفة منذ مشاركتها في حركة “بركات” في عام 2014، حيث قادت حملة ضد الولاية الرابعة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وحاولت عدة مرات مغادرة البلاد في الأشهر الأخيرة لزيارة ابنها المستقر في فرنسا، لكن بدون جدوى.

وسُجنت أميرة بوراوي في العام 2020 بتهم عديدة ثم أطلق سراحها في 2 يوليو 2020. وهي تواجه حكما بالسجن لمدة عامين بتهمة الإساءة للإسلام بسبب تعليقات أدلت بها على صفحتها على موقع فيسبوك.

وشكل هروب المعارضة الجزائرية إلى فرنسا مصدر قلق جزائري، أشعل أزمة بين قصر الإليزيه وقصر المرادية، حيث احتج عبد المجيد تبون على تدخل فرنسا لتهريب المعنية، في وقت كانت تستعد دولة تونس لتسليمها إلى الجزائر بعد أن دخلت ترابها بطريقة غير شرعية هربا من قمع النظام الجزائري.

وبعد أن اعتقلت أميرة بوراوي، يوم الجمعة لدخولها الأراضي التونسية بطريقة غير شرعية، وتعرضها للتهديد بتسليمها إلى الجزائر، تمكنت من ركوب طائرة متجهة إلى ليون مساء الإثنين، بفضل تدخل الدبلوماسية الفرنسية لدى السلطات في تونس.

ووضعت الناشطة الجزائرية البالغة 46 عاما قيد الحبس الاحتياطي ومثلت الاثنين أمام القاضي الذي قرر متابعتها في حالة سراح وتأجيل قضيتها إلى 23 فبراير. وعلى الرغم من قرار الإفراج، تم نقلها إلى مركز شرطة حدودي وكان من المنتظر ترحيلها إلى الجزائر العاصمة في رحلة على السابعة من مساء الإثنين، وفقا للمحامي.

وأفاد بيان للخارجية أن الجزائر مذكرة احتجاج رسمية، عبّرت فيها عن إدانتها الشديدة لانتهاك السيادة الوطنية من قبل موظفين دبلوماسيين وقنصليين وأمنيين تابعين للدولة الفرنسية، شاركوا في عملية تسلّل غير مشروعة لرعية جزائرية، يعتبر تواجدها على التراب الوطني ضروريا بقرار من القضاء الجزائري.

واعتبرت الجزائر في المذكرة الرسمية ذاتها، أن هذا التطوّر غير المقبول من الجانب الفرنسي، سيلحق ضررا كبيرا بالعلاقات الجزائرية الفرنسية.