“لݣريساج”: فِيهْ و فِيهْ..!!؟

رشيد الياقوتي – كاتب صحفي 

في دولة الحق والقانون، يطالعنا خبر “سار”, للوهلة الأولى. عقوبة حيازة السلاح الأبيض قد تصل إلى 15 سنة سجنا نافذا. والسبب؟ محاربة ظاهرة “لݣريساج” التي ترهب الأحياء الشعبية، وتقض مضاجع المواطنين العُزَّل. عين العقل، لا شك في ذلك.

المواطن البسيط الذي لا يملك لا سيارة رباعية الدفع ولا حسابا بنكيا في جزر الكايمان، أصبح مهددا إنْ وُجد في جيبه سكين من الحجم العائلي…حتى لو حمله بنية ذبح خروف، بمناسبة حفل عقيقة بالحي المجاور.!! فالعدالة كما المواطن ضاقت درعا بقُطَّاع الطرق، من حاملي ومُشهري المُدَى والسيوف.

لكن مهلا سيدي المُشَرِّع..!! هناك نوع آخر من “الݣريساج”، لم يُعْلَنْ، جهارا نهارا، عن تشديد العقوبة بشأنه..!! هو شكل أكثر “أناقة” وتسترا, ولا يحدث في الشارع العام بل في المكاتب المكيفة والمطاعم الفاخرة، حيث تُقَطَّع ميزانيات الدولة مثلما يُقطَّع البطيخ وفق شهية وسلطة معالي وسيادة “الشفار” المحترم. إنه “ݣريساج” لا يحتاج إلى سلاح أبيض، بل فقط إلى قلب أسود و قلم حبر من ماركة فاخرة، وبدلة أنيقة، ومذكرة تفاهم أو صفقة عمومية ملفوفة بورق قانوني. والنتيجة؟ الملايير من أموال الشعب تتبخر دون قطرة دم أو أثر باد للجريمة. مشاريع وهمية لا يُقيَّض لها أن ترى النور، ملفات تنام نوم أهل الكهف وصفقات لا تلتزم بمقتضيات دفاتر التحملات. وفي أعقاب ذلك تكتنز أرصدة المسؤول الذي عرف كيف يمتهن “الݣريساج” من أوسع أبوابه وأيسر دروبه.

إذن ما الفرق بين لص في الشارع يسرق محفظتك تحت التهديد، ومسؤول يسرق مستقبلك بجرة قلم..!؟
الأول يُحاكم بـ15 سنة، والثاني قد “يُحاكم” في نشرة الثامن بجائزة تقديرية و”حفل توديع”.
أليس من العدل أن نُجَرّم “الݣريساج” بنفس الحزم..!؟
ما الفرق بين شاب سارق يترك ضحيته تنزف دما بالشارع العام وبين مسؤول يقطع سبيل ميزانية يتسبب في نزيفها المالي الحاد، ضدا على القانون وضدا على الأخلاق.!!؟ ما الفرق..!!؟
ما الفرق بين مول الحانوت الذي يبيعنا موادا إنتهت صلاحيتها وبين رئيس حكومة يبيعنا الوهم، يبشر المواطنين بزيادة مؤشرات النمو قبل أن يزيد في سعر البنزين لتتوالى الزيادات في كل المشتريات الأساسية..!؟ ما الفرق .!؟
ما الفرق بين شاب يسرق هاتفا نقالا في وضح الفقر وبين وزير “يشفط” أمواه الفرشة المائية بزراعة مئات الهكتارات المنتجة لفاكهة الآفوكا وما يعادلها من الدلاح، متسببا بذلك في نزيف مائي، في زمن شحت فيه الأمطار نتيجة الاحتباس الحراري..!؟ ما الفرق.!؟
ثم ما الفرق بين تلميذ ظُبِط يغش في امتحانات الباكالوريا وبين مقاول سمين، من أقرباء السيد المسؤول وهو يغش في مواد تزفيت الشارع العام..!!؟
ما الفرق يا سيدي المُشَرِّع، ما الفرق..؟
العدالة، يا سادة، لا تُقاس بعدد السكاكين المضبوطة، بل بقدرتها على ردع كل من تمتد يده إلى جيب المواطن، وكل من يسرق الوطن.

24 ساعة

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist