الملاحظ نورة حكيم (صحفية متدربة)
رغم الزخم الكبير الذي طبع أعمال المؤسسة التشريعية خلال دورة أبريل 2025، سواء على مستوى توجيه الأسئلة أو مساءلة الحكومة، إلا أن مستوى تجاوب الجهاز التنفيذي مع الرقابة البرلمانية لا يزال دون سقف الانتظارات. فقد كشفت الحصيلة النهائية للدورة عن مفارقة واضحة بين حيوية البرلمان، بشقيه النواب والمستشارين، في تفعيل أدوات الرقابة، وبين بطء التفاعل الحكومي، خاصة في ما يتعلق بالأسئلة الكتابية، التي ظلت نسبة الإجابة عنها متواضعة بالرغم من التحسن النسبي المسجل مقارنة بدورات سابقة.
في الجلسة الختامية للدورة، التي عُقدت يوم الثلاثاء 22 يوليوز 2025، قدّم كل من رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، ورئيس مجلس المستشارين، سيدي محمد ولد الرشيد، عرضين مفصلين حول الحصيلة الرقابية، أظهرا تنوع الآليات المستعملة وكثافة التفاعل من طرف البرلمانيين مع القضايا ذات الأولوية.
ففي مجلس النواب، بلغ عدد الأسئلة الكتابية الموجهة إلى الحكومة 2394 سؤالًا، مقابل 1420 جوابًا فقط، ما يعكس نسبة تجاوب لم تتجاوز 59%. وتمحورت الأسئلة الشفهية – التي بلغ عددها 401 سؤالًا موزعة على 12 جلسة – حول مواضيع اجتماعية واقتصادية، كالصحة والتعليم والدعم الاجتماعي، في حين خُصصت الجلستان الشهريتان لمساءلة رئيس الحكومة لموضوعين استراتيجيين: إصلاح التعليم وتعزيز الحق في الصحة.
أما في مجلس المستشارين، فقد تميزت الدورة بتقديم 1256 سؤالًا شفويًا، برمج منها 301 خلال 13 جلسة عامة، بينها 113 سؤالًا آنياً و188 سؤالًا عادياً. كما وُجّهت 1170 سؤالًا كتابيًا إلى الحكومة، التي أجابت على 726 منها، بنسبة تفاعل بلغت 62%. وتم التركيز بشكل خاص على القطاعات الاقتصادية (38%) والاجتماعية (25%)، وهو ما يعكس تطورًا في نوعية الرقابة البرلمانية وتوجيهها نحو الأولويات الوطنية.
في ظل الانتقادات الموجهة إليها بخصوص محدودية التفاعل، قدم مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، أرقامًا شاملة بخصوص التفاعل الحكومي مع الأسئلة منذ بداية الولاية التشريعية. فقد بلغ مجموع الأسئلة الكتابية التي توصلت بها الحكومة 30571 سؤالًا، أجابت عن 21295 منها، أي بنسبة تفاعل إجمالية تقارب 70%، فيما توصلت من مجلس المستشارين بـ 7729 سؤالًا، أجابت عن 5313 منها، بمعدل 68.74%.
وأكد بايتاس أن الحكومة تعمل على تحسين تفاعلها مع البرلمان عبر نظام معلوماتي مندمج لتدبير الأسئلة، وتنظيم لقاءات دورية مع الوزراء والمستشارين في الشؤون البرلمانية، فضلاً عن التنسيق مع القطاعات المعنية لتسريع وتيرة إعداد الأجوبة، مشيرًا إلى أن بعض العوائق تظل قائمة، من بينها الطابع المحلي المعقد لبعض الأسئلة، وتعدد المحاور داخل سؤال واحد، ما يستدعي تنسيقًا بين عدة قطاعات وزارية.
على الرغم من تسجيل نسب تفاعل تقارب 70% في ما يخص الأسئلة الكتابية، إلا أن التقييم البرلماني للأجوبة الحكومية لا يقتصر على البعد الكمي، بل يتجاوز ذلك إلى مدى نجاعة هذه الأجوبة وفعاليتها في معالجة القضايا المطروحة. وفي هذا السياق، شدد عدد من البرلمانيين على ضرورة تجاوز الطابع الشكلي لبعض الردود، والعمل على تفعيل التعهدات الحكومية بشكل ملموس، لا سيما تلك المرتبطة بالدورات السابقة.
وفي خطوة وُصفت بالإيجابية، توصل مجلس المستشارين بردود مكتوبة من عدد من القطاعات الوزارية حول مآل التعهدات الحكومية التي تعود إلى دورة أكتوبر 2024، من بينها وزارات العدل، التربية، التجارة، السياحة، والثقافة. غير أن هذه الخطوة تبقى غير كافية في نظر كثير من المراقبين الذين يدعون إلى إحداث آلية لتتبع تنفيذ التعهدات بشكل دقيق وعلني.
تكشف حصيلة دورة أبريل عن حاجة ملحة لإرساء شراكة مؤسساتية أكثر انسجامًا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، تقوم على قاعدة الاحترام المتبادل، وتحقيق التوازن المنشود في النظام السياسي المغربي، وفق ما ينص عليه دستور 2011. فرغم الجهود المبذولة من الطرفين، لا تزال العلاقة بين البرلمان والحكومة في حاجة إلى تطوير آلياتها وتحسين آفاق التعاون، بما يخدم المصلحة العامة ويُعزز مبادئ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
دورة أبريل 2025 شكلت محطة رقابية نشيطة في المسار التشريعي الوطني، جسّدت من خلالها المؤسسة البرلمانية انخراطها المتواصل في متابعة الشأن العام ومساءلة الحكومة. لكن استمرار محدودية التفاعل، خاصة في الشق الكتابي، يطرح تحديات تستوجب استجابات حكومية أسرع، وأكثر عمقًا، ومبنية على مؤشرات قابلة للتتبع. وهو ما يتطلب من مختلف الفاعلين تكريس ثقافة مؤسساتية جديدة، يكون جوهرها: الشفافية، والمساءلة الفعالة، والتنزيل العملي للتعهدات
